مشروع الميزان الاقتصادي: نحو الزيادة في أسعار المحروقات والغاز...
تعتبر الحكومة التونسية ان الرفع من نسق النمو وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود أمام الأزمات يتطلب تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم في التوازنات الكبرى على المدى القصير لتكريس مقومات الإقلاع الاقتصادي، وترى انه سيتسنى تجسيم هذه النجاعة الاقتصادية والتحكم نسبيا في التوازنات المالية من خلال إصلاح المنظومة الجبائية وتحديث القطاع العمومي وإصلاح منظومة الدعم بما يضمن توفير هامش مالي يضمن الاستقرار واستدامة المالية العمومية على المدى المتوسط وفق ما ما اقرته في مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2023.
وتتجه الحكومة خلال العام المقبل الى التركيز على اصلاح المنظومة الجبائية من أجل تحقيق استقرار السياسة الجبائية بما سيمكن من استرجاع ثقة المستثمرين، وسيرتكز الإصلاح على تحسين قدرة الدولة على تحصيل المداخيل الجبائية ومراجعة الأنظمة التقديرية للضريبة على الدخل وحصرها في مستحقيها ومواصلة توسيع قاعدة الأداء وترشيد الامتيازات الجبائية ورقمنة إدارة الجباية والحد من الفوارق الجبائية وذلك من خلال تكريس العدالة الجبائية ودعم الشفافية.
وفي مجال إصلاح الوظيفة العمومية اقرت الحكومة تركيز عملها خلال الفترة المقبلة على إعادة هندسة الإجراءات مع التركيز على ضمان التناسق بينها ومن ثمة رقمنة الإدارة وتوسيع مجالات الخدمات عن بعد.
كما سيتم العمل على إحكام التصرف في الموارد البشرية من خلال مراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية واعتماد برامج متجددة للتحكم في الموارد البشرية بما في ذلك التحفيز على المغادرة الاختيارية ودعم برامج التنقل الوظيفي والتمديد في مدة العطلة لبعث مؤسسة.
وفي إطار تحديث الإدارة سيتواصل الجهد من أجل تركيز دور الخدمات وإرساء العمل عن بعد في الوظيفة العمومية ووضع برنامج للتصرف التقديري في الوظائف والمهن ومراجعة آليات تقييم الأداء الفردي للأعوان العموميين وتطوير منظومة التأجير لتحفيز الكفاءات وربط عملية التأجير بمستوى الأداء والإنتاجية والأخذ في الاعتبار بأهمية استقطاب الكفاءات والمهارات والارتقاء بقدراتهم المعرفية والتجديدية إلى جانب تطوير المنظومات المعلوماتية وتعزيز البيانات المفتوحة.
وبهدف خلق هامش في الميزانية وتوفير اعتمادات إضافية موجهة للاستثمار العمومي باعتباره محركا أساسيا لاستقطاب الاستثمار الخاص ودفع النمو الاقتصادي والاجتماعي خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والتدخلات الاجتماعية الموجهة وتطوير قطاعات التعليم والصحة تبرز أهمية التحكم في كتلة الأجور وفي نفقات الدعم وفق ما اوردته الحكومة في وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2023.
وتندرج في هذا الإطار مراجعة وتعديل منظومة دعم المواد الأساسية الذي يعد مكسبا اجتماعيا يمكن من الحفاظ على القدرة الشرائية للتونسيين وفق الحكومة. ويرتكز إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية إلى توجيه الدعم الى مستحقيه خاصة من العائلات ضعيفة ومتوسطة الدخل مع تعزيز القدرة الشرائية لهذه الفئات وسيتم اعتماد تمشي تدريجي لتعديل الأسعار على مدى أربع سنوات انطلاقا من سنة 2023 وإرساء منصة رقمية مفتوحة للتسجيل الاختياري لكل المواطنين حسب ما اوردته الحكومة في الوثيقة المذكورة.
كما تخطط الحكومة الى تكثيف الجهود من أجل اصلاح منظومة دعم المحروقات بالتوازي مع التسريع في الانتقال الطاقي من خلال التوجه التدريجي نحو حقيقة أسعار المحروقات وتحرير توريد المواد البترولية حال بلوغ حقيقة الأسعار مع المحافظة على دور الشركة التونسية لصناعات التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، إلى جانب التعديل التدريجي لأسعار الكهرباء والغاز مع مراعاة الفئات الضعيفة موازاة مع التقدم في تنفيذ برامج الانتقال الطاقي وترشيد استهلاك المواد البترولية.
الحبيب وذان